آخر الأخبار

جاري التحميل ...

لماذا قذف وجه بوش بالحذاء عمل حضاري ؟


لماذا قذف وجه بوش بالحذاء عمل حضاري ؟
همسة في أذن مدعي الثقافة والتمدن
بقلم : زياد ابوشاويش
كرر أهلنا في قرية بلعين الفلسطينية ما فعله الصحفي العراقي البطل منتظر الزيدي فقذفوا جنود الاحتلال الصهيوني بالأحذية للذود عن قريتهم في وجه جدار الفصل العنصري الذي يأكل من أرضهم، والذي يخالف استمرار بنائه قرار أعلى هيئة قضائية في العالم فكان بهذا ومن منظور التمدن والالتزام بالقانون الدولي عملاً حضارياً من طراز رفيع، ونحن هنا كما تلاحظون نتحدث عن الشرعية الدولية والقانون الذي تمنع تطبيقه باستمرار الولايات المتحدة الأمريكية حيث حظي رئيسها بأوضح رد عراقي حضاري على غزوه لبلده وتدميره وقتل شعبه وتشريده،وحين لم يستخدم الزيدي حزاماً ناسفاً أو قنبلة يدوية، رغم أنه لو فعل لن يلومه أحد كون المستهدف قتل وشرد ملايين العراقيين واستباح كرامات الناس وشرفهم في وقائع تندى لها جباه الشياطين وليس المواطنين العرب الذين يتحدث البعض باسمهم رافضاً ما أقدم عليه الرجل، وواصفين رمي الحذاء على بوش بالعمل العاطفي وغير الحضاري ...إلى آخر مفردات لا تمت للحضارة أو وجدان الأمة بصلة.
الأنكى من ذلك أن بعضهم يصف المساندة العربية للفعل والفاعل بالتخلف والبداوة وموغلاً في لحم ودم أبناء جلدته بل ودينهم حين يزعم أن هذا كان منذ 1400 سنة أي منذ دعوة رسول الله"صلى الله عليه وسلم" وفي ذلك أيضاً إهانة لمعتقد الناس،
ذلك أن الإسلام أتى ليتمم مكارم الأخلاق ودعا للتسامح والعفو عند المقدرة كما دعى للخير والرشاد وخاطب أمتنا بالقول :" كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر" وهكذا سار الناس على ذلك، وكما كانوا قبل الاسلام في تراحمهم وتوادهم مثلاً للآخرين رغم الصحراء القاسية وقلة الموارد،
 وبالقياس على التطور الحضاري الانساني فقد كان العرب قبلة كل شيء له صلة بالتقدم والرقي والحضارة ومن لا يفهم تاريخ أهله عليه أن لا يتصدى للكتابة عنه وتلويثه كما رأينا في مقال الأخ ابراهيم علاء الدين الذي أساء لشعبه ولوطنه ولكل ما هو نظيف في تاريخ أمته بدعوى نقد عقلية القطيع التي بكل أسف لا يعرف على ما يبدو معناها كما لا يعرف عادات أهله البدوية الطيبة والمحترمة قياساً لسلوك السيد بوش الذي لا يخجل من الاعتراف بالكذب والتلفيق لتدمير بلد حضارته أقدم وأرقى من حداثة أمريكا بآلاف السنين والذي لم نجد في مقال أي منتقد لقذفه بالحذاء أي كلمة عن معنى زيارة بوش المهينة لبغداد لتوقيع اتفاق انتداب ينتهك كل الأعراف المدنية والحضارية والذي هددت حكومته وأركان قواته بأن عواقب عدم توقيع العراق عليه ستكون وخيمة،
أي أن الاتفاق وقع تحت تهديد السلاح فأي فعل حضاري أكبر من أن يرد أحدهم عليه بما تيسر له من وسائل التعبير والتي اعتبر نفس أخونا إبراهيم أن معناه في أمريكا يختلف عن معناه لدينا، وأنه هناك أحد وسائل التعبير فلم انتقاد تحبيذ الناس له وتصفيقهم لفاعله؟ وهب أن الناس تندفع في تأييد فعلة الرجل الشجاعة والمعبرة بوجدانها وعواطفها فهل ألغى ذلك حسبة العقل عند هؤلاء؟ وهل يزعم أي معارض لما أقدم عليه منتظر الزيدي بأنه أثقف وأكثر حضارة من كل هؤلاء الذين كتبوا بشكل واضح وعميق عن دلالات الواقعة وأهميتها؟. إن رمي الناس بقلة الوعي وإلغاء العقل لمجرد أنهم أيدوا مبادرة شجاعة في مواجهة طاغية أحمق هو الحمق بعينه وهو الذي ينم عن قلة الوعي بل والخفة والنزق الصبياني ذلك أن الناس تعرف أن حذاء منتظر لن يحرر العراق أو فلسطين لكنه عمل ملهم وبالغ الأهمية تماماً كواقعة استشهاد محمد الدرة أو وقوف المناضل الصغير محمد عودة أمام الدبابة الاسرائيلية يقذفها بحجر، وكم أحدثت تلك الوقائع من موجات فعل حقيقي ومنتج في مواجهة الظلم والاحتلال، أم أن هؤلاء أيضاً حمقى وعاطفيون كونهم يواجهون الدبابة بالحجر والمولوتوف؟.
لقد فهم الشعب الأمريكي رسالتنا إليه من خلال ما قام به منتظر الزيدي، وفهم أيضاً أن هذا فعل حضاري من طراز خاص ومبتكر فما كان منه سوى تقليد الفعل بعدد كبير من الأفعال المطابقة له شكلاً ومضموناً تعبيراً عن كرههم لبوش وسياسته المدمرة وشاهدنا جميعاً نماذج من ذلك على شاشات التلفزيون في الوطن العربي كما في الفضائيات والصحف الأمريكية، فلماذا كان ذلك التقليد والتأييد من الأمريكيين عملاً حضارياً ومدنياً بينما من أهلنا وشعبنا عملاً بدائياً ويعبر عن ثقافة الأحذية؟ وهذا الوصف لثقافتنا مردود على صاحبه الأرعن رغم اختلاف رمزية استخدام الحذاء في بلادنا عنه في الولايات المتحدة الامريكية.
الأمر المحزن بل والمخجل في مواقف هؤلاء أنهم يعتبرون أهلهم مازوخيين وحين لا يكون فعلهم متطابقاً مع ذلك تبدأ المباراة النرجسية في وصف الأهل بالبداوة وربما الهمجية وبالسفاحين الغزاة كما عبر الأخ ابراهيم علاء الدين الذي لا أعرف من أي كتاب للتاريخ يستقي معلوماته، وليته يترفق بنا قليلاً لأننا نعتبره صديقاً ولا نرغب في رؤيته يهين أهله وبني جلدته ليثبت أنه متفوق أو مثقف مع يقيني أنه لا يملك منها( أي الثقافة ) الا النزر اليسير وربما تصح له النصيحة بأن يقرأ بعض أمهات الكتب العربية حيث سيساعده ذلك على رؤية أكثر علمية وأقرب للعقل كما يحب أن يعبر... كما عليه قراءة تاريخ الدعوة الاسلامية فربما يجد فيها غير وقائع الفتنة الكبرى وكم كان العرب متسامحين وكرماء، وأكمل النصيحة بدعوة كل الناقدين لحذاء الزيدي أن يقرأوا رسالة الغفران للمعري فربما يفهمون أكثر فيعرفوا بالعقل لماذا يؤيد الناس ضرب بوش بالحذاء.
أما المزاعم بأن الاسلام غير طباع أهل الشام ومصر للأسوأ وكل الهرطقات التي قيلت في هذا الصدد فلن أرد عليها لأنها لا تستند لأي دليل أو برهان والعكس هو الصحيح لأن العهدة العمرية لا زالت معلقة في بيت المقدس ولا زال يفتخر بها المسيحيون العرب كما المسلمين، لكن قاتل الله الذين يفتون بغير علم، ويحكمون هنا بغير قراءة التاريخ والوقائع والآثار.
في التاريخ البشري لمن لا يعلم وقائع صغيرة في محتواها وحجمها وزمنها لكنها تعطي مفاعيل تقترب من الزلازل والبراكين وتغير مجرى التاريخ أحياناً وتؤدي لحروب كبيرة في أحيان أخرى وتاريخنا العربي وتاريخ الانسانية مليء بمثل هذه الوقائع تماماً كواقعة الحذاء التي ما كانت لتقع إلا عندما تهيأ لها الظرف المناسب، وجاء بوش ليكذب مرة أخرى بادعائه الانتصار على العراق والأمة العربية وربما ليبث الطمأنينة في نفس أعوانه وحلفائه في المنطقة فكانت قبلة الوداع كما أرادها رجل عربي عراقي كان بالمناسبة ( ومن باب الصدفة ربما ) عضواً في الحزب الشيوعي العراقي " الكادر"،، أي ممن لم يدخلوا العراق فوق ظهر الدبابة الأمريكية.

أما النوع الثاني من رافضي التعبير بما تيسر كما فعل الزيدي فهم مرتهنون لأكل عيشهم ورواتبهم من دول عربية نفطية أو تقبض صحفهم منها وخاصة الكويت التي تحمل حكومتها وقسماً من أهلها الود والاحترام للمجرم بوش باعتبار والده قد حررهم من سطوة صدام حسين الذي ساندوه في حربه ضد طهران وباعتبارهم سخروا لبوش الصغير ولجيشه الغازي أرضهم وسماءهم لتدمير العراق وقتل شعبه الشقيق فكيف سيؤيدون ضربه بالحذاء؟ . إن تأييد ذلك يعني أنهم يستحقون ذات الفعل ....وهم حقاً يستحقون على أي وجه قلبت الأمر. هذا الصنف الثاني يحاول ستر عورة موقفه المخالف لأبسط معاني النخوة العربية بالحديث عن أسلوب التعبير وأن هناك وسائل أفضل لتبيان موقفنا وأنه ربما لا يجوز ضرب ضيف بالحذاء في بيتنا ... إلى آخر المعزوفة النشاز. للطرفين نقول وكلنا ثقة في عروبتنا وفي تاريخنا الذي نتعلم منه لصنع غد أفضل وأكرم لشعبنا ولأمتنا وبمنطق العقل والعلم والفعل المقاوم للهيمنة الأمريكية الصهيونية بأن ما أقدم عليه المناضل الشجاع منتظر الزيدي هو فعل مقاوم من الدرجة الأولى وهو يحمل في طياته كل معاني العزة والكرامة ورفض الذل والاحتلال الذي ترفضه كل الشرائع السماوية والأرضية وهو بهذا المعنى عنوان لمرحلة طيبة في تاريخنا، كما كانت صرخة المرأة العربية " وامعتصماه " بداية لمعركة عادلة ومنتصرة بالحق لا زالت تقدم العبرة لمن أراد.

عن الكاتب

محمد رجب

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

المختلف .. الرأي الحر ,, والتفكير الحر

2017