أم جبر الطبالة وزوجة ابنها الراقصة
بقلم:ابراهيم علاء الدين
تاريخ النشر : 2008-06-29
قليلون من سكان القاهرة والمصريون عموما ومعهم الكثير جدا من
العرب من لا يعرفون شارع محمد علي المشهور بشارع الراقصات، وبيع الة العود والالات
الموسيقية عموما.
ودفعني الفضول في احدى الزيارت للقاهرة لاكتشاف عالم الراقصات ، خصوصا وان الصديق العزيز الدكتور محمد مندور، كان دائما يعطي مثلا على ضرورة العمل السياسي العلني مهما كانت شدة القهر والقمع بقوله : "ان راقصة في شارع محمد علي حتى تصبح مشهورة لازم ترقص في شارع الهرم تحت الاضواء وتتفرغ للرقص". ويضيف ان الافكار الثورية يجب ان تظهر للنور والا سينطبق عليها المثل القائل "على بال مين يلي بترقص بالعتمة".
ركبت تاكسي اجرة وانطلق السائق باتجاه شارع محمد علي وفي الطريق اخترعت كذبة يمكن من خلالها ان اجد مدخلا لعالم الراقصات فقلت للسائق انني امتلك ملهى ليليا في البحرين وابحث عن راقصات للاشتغال فيه.
فقال شارع محمد علي كله "رقاصات". ولما سالته كيف اصل لبعضهن قال ان المقاهي هناك مليئة بالسماسرة ووكلاء الفنانين والفنانات .
ما ان وصلنا الى احد المقاهي حتى نزل من السيارة وتحدث مع مجموعة من الجالسين على طاولة بالمقهى ثم جاء ومعه احدهم وقال "ده سمسارعندة عشرين رقاصة يمكنك ان تختار منهن ما يعجبك".
دفعت له الاجرة وانصرف وذهبت سيرا على الاقدام مع السمسار وكان اثناء الطريق يحدثني عن مميزات الستات "اللي عنده" وانهن يتميزن على غيرهن بالخبرة والجمال والدلع ، وحذرني مرارا من النصابين والمحتالين وشدد على عدم دفع عربون الا بعد ما يصير "جواز السفر بايدك ووقعت معها عقد العمل".
طرق باب احدى الشقق في بناية قديمة لا يقل عمرها عن 100 سنة فتحت الباب سيدة متقدمة في العمر تسبقها ابتسامتها وانطلق لسانها مثل الة قديمة مرحبا مهللا على عادة المصريين الطيبين في استقبال ضيوفهم. وبعد قليل غادر السمسار بعد ان اكد لأم جبر انه احضر لها "راجل طيب عن طريق معرفه وان اشتغل معاه ووشه بيجيب السعد".
الشقة مكونة من غرفة واحدة في مدخلها قرب الباب الرئيسي مطبخ تعج فيه الفوضى ورائحة العرق اختلطت برائحة الكمون ، فيما تحتوى الغرفة على سرير وخزانة صغيرة وازهار بلاستكية وفي زاويتها ما يشبه الصندوق عليه فراش وقربه طاولة صغيرة عليها مروحة وفي الزاوية الاخرى جهاز تلفزيون صغير فوقه مسجلة نثرت عليها الاشرطة بفوضى ظاهرة.
فيما سيدة شابة تجلس على السرير تلبس قميص نوم (او فستان البيت) الدارج في الاوساط الشعبية من القماش السميك نسبيا لونه ازرق نصف كم يظهر جزءا من صدرها ، شعرها منكوش وعيناها ذابلتين يبدو انها نهضت من النوم لتوها.
جلست على طرف السرير فيما جلست ام جبر على الارض (ربما التزاما بفتوى ام انس التي حرمت الجلوس على المقاعد والارائك والكراسي ولا ادري لماذا لم تحرم الاسرة ايضا) وقالت طلباتك يا سيدي.
قلت ابدا انا ابحث عن خمس راقصات لاصطحابهن معي الى البحرين للعمل في نادي ليلي امتلكه هناك.
قالت : "ده انت وصلت يا بيه كل طلباتك اوامر واللي انت عايزه عندي، ودي اللي جنبك اول واحده دي تبقى مرات ابني"
نظرت الى من تجلس بجانبي على السرير وقد غطت نصفها الاسفل بغطاء خفيف (شرشف) فقالت ام جبر : ما تبصش عليها دلوقت اصلها لسهة قايمة من النوم انت بتعرف ان شغلتنا دي الواحدة بتنام بالنهار وبتصحى بالليل لكن شوفها بعد ما تستحم وتسرح شعرها وتحط الماكياج دي تبقى زي اللعبة".
قلت ما شاء الله
قالت : "دي باخدها على الفرح ومعها خمس رقاصات .. آه .. بتاكل الجو .. دي لهلوبة بالرقص ، بعدين بص ماشاء الله على عيونها زي عيون الغزالة، دي تخلي كل الرجالة بالفرح ما يقدروش يشيلوا عينيهم عنها".
قلت : اكيد اكيد ماشاء الله عليها ، لما يكون عندك فرح اروح اتفرج عليها واشوفها.
قالت : "وماله وماله يا بيه .. الليلة عندنا فرح وبالمرة تشوف البنات التانيين دول حيعجبوك أوي".
قلت : كويس قوي انا ما عندي حاجة اعملها في مصر غير الموضوع ده ولازم انهيه بسرعة، اروح معاكم الفرح الليلة ونخلص شغلنا.
قالت : "طب ما تخدني معاك يا بيه ده انا اخدمك أوي هناك ، انا كنت رقاصة ولا في مني كنت اقيم الفرح وما اعدوش". ده كانت الرجالة بتموت علي ، بعدين الكبر اهو زي ما انت شايف ، بس انا طبالة كويسة اوي اوي اسالها (واشارت لزوجة ابنها) فهزت الشابة راسها تاكيدا، ثم تابعت ام جبر قائلة : "اصل الواحد لما يكبر لازم يرجع لربنا كفاية بقى".
واضافت : " بعدين حقولك حاجة انا بعرف ربنا كويس ما بقطعشي فرض وحجيت لبيت الله ، وكل رمضان اختم المصحف".
في هذه الاثناء حضر ابو جبر فاذ به مقوس الظهر مطلقا لحيته حافا شاربه يضع (طاقية بيضاء) على راسه فسلم بحرارة ورحب وهلل وابلغته ام جبر سبب وجودي فاطنب بالترحيب والتهليل، ثم ودعني وغادر الغرفة.
ثم قالت ام جبر : " قلي ... ايه ... حتاخدني معاك؟
قلت : ان شاء الله ليه لأ .. ده انتي باين عليكي معلمة وعارفه شغلك كويس.
قالت : طبعا طبعا يا بيه ده انا اسال عني في الشارع كله ، بس قول ام جبر وشوف بيقولوا الناس ايه ده انا خيري على الناس كلها ، ده انا احييت الاف الافراح في كل حتة بمصر (المصريين يطلقون على القاهرة اسم مصر) بعدين انا اعرف طلباتك كويس اوي ولما اكون موجودة ولا واحدة تقدر تلعب بديلها ، اصلك انت ما تعرفش بنات الصنف بتاعنا ، ما تأمنش لهم خالص، دي الواحده تبيع ابوها عشان الفلوس".
قلت : ان شاء الله بيصير خير المهم خلينا نشوف شغلنا ، كيف ساذهب معكم الى الفرح.
قالت : انت روح خلص شغلك دلوقتي خلي ايمان تقوم تجهز روحها ومر علينا الساعة 8 نروح سوا.
عاملني اصحاب الفرح عند وصولي بازدراء حيث تركتني ام جبر وزوجة ابنها ودخلت الي شقة اصحاب الفرح فيما اصطحبني شاب خلف البناية حيث نصبت منصة ترتفع حوالي متر عن الارض واصطفت كراسي بلاستيكية في الساحة مقابلها، وتركني دون أي اهتمام او احترام ثم اكتشفت لاحقا ان اصحاب الفرح ظنوا انني انا السمسار، مما اضطرني التوضيح فتغيرت معاملتهم واجلسوني في الصف الاول لمشاهدة الراقصات، واحاطوني بالرعاية والعناية باعتباري ضيفا على مصر وعليهم ، وازعجوني جدا لكثرة الترحيب واصرارهم على تدخين (الجوزة) المحشوة بالحشيش ، ولما كنت ارفض الاستجابة كان بعضهم يقول : ليه يا بيه ده حشيش صنف ممتاز".
انتهى الفرح بعد الفجر بقليل واثناء عودتنا ازعجتني ام جبر بكثرة اسئلتها عن رأي بزوجة ابنها وبالراقصات الاخريات، لكنني كنت منهكا تعبا واشعر بالنعاس ، فقلت لها غدا ان شاء الله نتغدى سوا ونتكلم.
ام جبر احبابها كثيرين فهي تعرف نصف سكان شارع محمد علي معرفة جيدة والنصف الاخر بين بين، فما ان وصلت البناية التي تقطن فيها حتى وجدتها تطلب مني النزول لان عندها بنات تريد ان اراهن ، فاذ الحجرة مكتظة بثماني راقصات اعمارهن تتراوح ما بين 20 و 25 سنة، نادرا ما تحدثن وتركن ام جبر تصفهن واحدة بعد الاخرى وتقول "برضه تاخدش على كلامي ده انا حوريك اياهم كلهم وهمه بيرقصوا".
وفي المطعم الشهير المختص بالمشاوي وخصوصا (الكباب) الواقع في شارع مكرم عبيد في مدينة نصر تحدثت ام جبرد مطولا عن نفسها (ماض وحاضر) وعن امانيها المستقبلية فقالت : انا اصلا ابويا كان شيخ يحيي الموالد وكنت اروح معاه وانا صغيره وكنت انشد معاه .. دا انا كان علي صوت جميل قوي وكنت حابه اصير مطربة لكن ابوي الله يسامحه ما قبلش، قال الغنى حرام ، بعدين تجوزت واحد طلع ابن كلب ولما مات ابويا اجبرني على الرقص مع انه حرام بس نعمل ايه اكل عيش لانه المضروب على عينه ما كانش بيشتغل وكان يضربني ويقطع شعري، بس انا كنت شاطره اوي وبرقص كويس اوي وكنت اخبي فلوس عند عمتي عشان ما يخدهمش مني، بعدين طلقته اعطيته الفين جنيه وطلقني عشان كده ما عنديش غير ولد واحد جبر بس.
سالتها عن جبر وماذا يشتغل ؟
قالت : "ولاحاجه اصله قعد بالسجن 3 سنين وفي السجن ضحكوا عليه دول تبعون الدعوة وصار شيخ زيهم اتسجن تاني وبقى سنتين ، ولما طلع من 3 سنين ما اشتتغلشي حاجة بيفضل طول النهار بالجامع لكن احيانا بيصح له مولد بيقرا فيه، بس انا خايفه عليه اوي لانه صاير كده عقله خفيف ودايما يتكلم عن الجنة ، ولما بتقول له مراته عايزه حاجة يقول لها اتقي الله بكره في الجنة موجود كل حاجة، لا لا ما فيش فايده فيه ده خلاص، الله يجازي اللي كان السبب بس".
وقالت : طب انا لما بطبل اخلي كل الستات تبكي خوف من ربنا لاني بقول اناشيد جميله قوي تخلي الست وهي ترقص تغيب عن الوعي حاجة زي كده ، وبعدين ايه انا ما اسمحش لحد يعمل حاجة مايله ده انا بعرف ربنا كويس قوي، ده في الحارة ادي دروس دينية وكمان بفهم البنات اللي معايا ايه هو الحرام وايه الحلال، وبنصحهم انه لازم نعمل بكلام ربنا ونمشي على سنة نبيه اصله الحرام بين والحلال بين مش كده قال النبي عليه الصلاة والسلام؟ .
قلت : طيب يا ام جبر في مسلمين بيقولوا الرقص حرام
قالت :: لا لا يا بيه دول ولا مؤاخذه ما بيفهموش ، ده انا قلت لك ابويا كان شيخ وامام جامع، وعمري ما سمعته قال الرقص حرام ، لو كان الرقص حرام ده انا مش ممكن ارقص ابدا.
واضافت : وليه الرقص حرام هي اليت بترقص وخلاص حد بياخد منها حاجة الشريفه شريفه يا بيه ، واللي عايزة تمشي بطال بتمشي رقاصة ولا غيرها ، تقدر تقولي كل اللي يروحوا الشقق المفروشة دول رقاصات، اصلا الرقاصة ما عندهاش وقت تروح شقة مفروشه ولو راحت اهه يمكن مرة والا اتنين بالشهر لكن اللي مش رقاصات بيروحوا كل ليله.
قلت : كلامك كله حكم يا ام جبر
قالت : انت ما تعرفش ام جبر لكن ان شاء الله حتعرفها كويس لما تاخدني معاك ، دا انا متعلمه ده انا خلصت الصف الاول ثانوي ، وكنت احب المدرسة وعايزة اكمل بس تجوزت بأه ، وبعرف ربنا كويس وما بقطعش فرض، بعدين انا قلت لك اني حجيت لبيت الله ، يا حبيبي يا رسول الله والله يا بيه لما بتقرب من ساحة المسجد الحرام دموعك بتتزل لوحديها كده لوحديها، يا سلام على ديك الايام ان شاء الله الله بيعطيني واحج تاني.
وفي الايام الخمسة التاليه التقيت مرارا بام جبر وقابلت معها اكثر من ثلاثين شابه تمتهن الرقص في الافراح، ثم قابلت اكثر من 20 راقصة يشتغلن في ملاهي ليلية في اماكن متفرقة وتعرفت على عالم غريب ليس له علاقة بالاضواء والنجومية التي تعيش فيها الراقصة اثناء تأدية (نمرتها) في الملاهي الليلية او الافراح، فكل من صادفت تقريبا يعانين من الفقر والحاجة والاضطهاد باشكاله المتعددة ومن اطراف متعددة (السمسار ، او السمسارة، اصحاب النوادي والملاهي الليلية ، ضباط الشرطة، والازواج ، والمجتمع (بسبب السمعه). انه عالم مطحون مقهور مسلوب الروح والجسد.
بعد اسبوع متواصل من الحياة قريبا من ام جبروعالمها ، صارت ام جبر تريد التوصل الى قرارات عملية فكثر استخدامها لجلمة (يلا عايزين نخلص يأه)
وخلال هذا الاسبوع صار هناك الفة مع زوجة ابنها وصارت تمزح وتضحك وترافقنا الى تناول الغداء ، وفيما كنا نتناول طعام الغداء في مطعم مشهور للسمك على النيل ذهبت ايمان لقضاء حاجة فقالت ام جبر : دي ايمان بتعزك قوي بتكلمني عنك كتير وبتقول لي انها حتسعدك أوي في البحرين، ايه رايك تاخدها الليلة معك وتتفاهموا عالشغل وبلاش تروح الفرح الليله اخد غيرها؟
قلت : وهي توافق؟ (قلت ذلك من باب الفضول وليس لاي اغراض اخرى كما يمكن ان يفهمها البعض).
قالت : يا سلام وهي تقدر ترفض لي طلب
قلت : وماذا سيكون موقف جبر هل يقبل
قالت : يا حسره هو جبر داري عن أي حاجه وبعدين حيقول ايه ده يا عم نايم في عسل الجنة.
قلت : وابو جبر ايه حيكون موقفه لما يعرف؟
قالت : يا بيه اللي ما يجبش فلوس مالوش كلمة عندينا ، الراجل راجل بصحيح لما يكون بيشتغل ويجيب فلوس غير كده ولا مؤاخذه ما يكونش راجل.
قلت : بس ده باين متدين كتير ، ده قال يمكن 6 ايات قران و5 احاديث نبوية بالخمس دقائق اللي شفته فيهم في اليوم الاول لزيارتكم في البيت.
قالت : دول كلهم كده، كلمهم عن حادث عربية يقولك ايتين قران ، قلهم ده فلانة جابت عيل يقولوا لك خمس احاديث ، قلهم ما فيش ميه (ماء) يروح مطلعك قال ايه فلان والا علتان انا عارفه بيجيبوا اسماء دي من فين.
واذا قلت لهم ما فيش عيش يقولوا لك كل تمر، ده انا مره بقول لابو جبر(بالمناسبة ده انا تجوزت ابو جبر وانا كبيره كان عندي كده حاجة وتلاثين ، كنت رايحه له بحاجة ينصحني باعتباره راجل دين حبني وتجوزته وكان عنده زوجه تانية بس ماتت من تسع سنين، المهم قلت له انا حشتري تلاجه قام عمل لي محاضرة ثلاجة ايه وبتاع ايه هو الرسول كان بيشرب من التلاجه والا صحابة رسول الله كانوا بيشربوا من التلاجه ، والقلة مالها ما هي الماية بارده فيها وكويسه والا انتي عايزه تبعزقي الفلوس وبس.
ومع كده اشتريت ثلاجة وهو اكتر واحد بيشرب منها لانه معظم وقته في البت مش زينا طول الليل بنلقط رزقنا.
قلت : ايه يعني يا ام جبر عايزه تقولي ان ابو جبر نصاب ؟
قالت : والله اكثر من كده ده بيضحك على ربنا يا راجل انا عارفاه كويس بيحلل على نفسه اللي بيحرمه على غيره ، واللي بيغظني أوي انه بيعمل روحه فهمان وبيفهم بالدين ويقعد يقول يا حاجه ده حرام وده مش معقول وعن ابي خنبل وابو حنيفه وهو كل يوم يجنني عايز فلوس عشان يشتري اللي ما يتسماش.
حضرت ايمان وبالكاد جلست على مقعدها واذ بام جبر تقول لها : اسمعي انتي الوقتي تروحي مع البيه وتخلصونا بأه اتفقوا على الشغل وقولي له كل اللي انتي عايزاه ، وخلينا بكره نروح نخلص جواز السفر ، وانا كتكلم مع ايناس وفاتن ورانيا وهبه واتفق معاهم زي ما قال لي البيه. هو الف جنيه بالشهر مفيش غيرهم ، طبعا السكن عليك يا بيه مش كده؟ ..
طبعا طبعا والاكل كمان.
وتابعت ام جبر: اما انتي فحاجة تانية انا كلمت البيه وعلى كل حال البيه راجل طيب وبعزك قوي مش كده يا بيه ؟؟
طبعا طبعا
ايمان : الله يخليك وانا والله
ام جبر : المهم البيه ما عندوش وقت لازم نخلص شغلنا انا ما عنديش مانع اروح معاكي مش كده يابيه؟؟
طبعا طبعا
ام جبر : يلا ان شاء الله خير وانا حقول لسعيد الصبح على كل حاجه اما ابوجبر ده مش ضروري انا حقوله بس اني حسافر عشان شغل ، لانه هو ما بيهموش حاجه طالما بياكل وبينام وبيشرب اللي ما يتسماش.
استاذنت ام جبر لقضاء حاجه فانتهزت ايمان الفرصة وقالت : انا مش حابه الولية دي تروح معانا ، دي مشكله اصلك انت ما تعرفهاش ، دي أروبه ما تحبش تشوف اتنين متفقين مع بعض، وبعدين كدابة بتحلف الف يمين كدب، ومش امينه دي تسرق الكحل من العين، بعدين تروح تعمل ايه؟ دي خلقة طبالة وانت مش عايز طبالين ولا زمارين ، وبعدين الله ليحط حد تحت لسانها دي شتامة عليها الفاظ لا اله الا الله ، والادهي من كده انها بتصلي وما بتقطعش فرض وقال حجة كمان.
توقفت ايمان فجأة عن الحديث عندما لمحت ام جبر مقبله
وازف وقت الرحيل وكانت هذه اللحظات اخر مرة اشاهد فيها ام جبر وايمان وابو جبر .
ولكني تواصلت مع الراقصات الاخريات فخرجت بتحقيق صحفي رائع عن حال الطبالين والسماسرة والراقصات نشر في حينه بجريدة الوطن الكويتية.
ابراهيم علاء الدين
ودفعني الفضول في احدى الزيارت للقاهرة لاكتشاف عالم الراقصات ، خصوصا وان الصديق العزيز الدكتور محمد مندور، كان دائما يعطي مثلا على ضرورة العمل السياسي العلني مهما كانت شدة القهر والقمع بقوله : "ان راقصة في شارع محمد علي حتى تصبح مشهورة لازم ترقص في شارع الهرم تحت الاضواء وتتفرغ للرقص". ويضيف ان الافكار الثورية يجب ان تظهر للنور والا سينطبق عليها المثل القائل "على بال مين يلي بترقص بالعتمة".
ركبت تاكسي اجرة وانطلق السائق باتجاه شارع محمد علي وفي الطريق اخترعت كذبة يمكن من خلالها ان اجد مدخلا لعالم الراقصات فقلت للسائق انني امتلك ملهى ليليا في البحرين وابحث عن راقصات للاشتغال فيه.
فقال شارع محمد علي كله "رقاصات". ولما سالته كيف اصل لبعضهن قال ان المقاهي هناك مليئة بالسماسرة ووكلاء الفنانين والفنانات .
ما ان وصلنا الى احد المقاهي حتى نزل من السيارة وتحدث مع مجموعة من الجالسين على طاولة بالمقهى ثم جاء ومعه احدهم وقال "ده سمسارعندة عشرين رقاصة يمكنك ان تختار منهن ما يعجبك".
دفعت له الاجرة وانصرف وذهبت سيرا على الاقدام مع السمسار وكان اثناء الطريق يحدثني عن مميزات الستات "اللي عنده" وانهن يتميزن على غيرهن بالخبرة والجمال والدلع ، وحذرني مرارا من النصابين والمحتالين وشدد على عدم دفع عربون الا بعد ما يصير "جواز السفر بايدك ووقعت معها عقد العمل".
طرق باب احدى الشقق في بناية قديمة لا يقل عمرها عن 100 سنة فتحت الباب سيدة متقدمة في العمر تسبقها ابتسامتها وانطلق لسانها مثل الة قديمة مرحبا مهللا على عادة المصريين الطيبين في استقبال ضيوفهم. وبعد قليل غادر السمسار بعد ان اكد لأم جبر انه احضر لها "راجل طيب عن طريق معرفه وان اشتغل معاه ووشه بيجيب السعد".
الشقة مكونة من غرفة واحدة في مدخلها قرب الباب الرئيسي مطبخ تعج فيه الفوضى ورائحة العرق اختلطت برائحة الكمون ، فيما تحتوى الغرفة على سرير وخزانة صغيرة وازهار بلاستكية وفي زاويتها ما يشبه الصندوق عليه فراش وقربه طاولة صغيرة عليها مروحة وفي الزاوية الاخرى جهاز تلفزيون صغير فوقه مسجلة نثرت عليها الاشرطة بفوضى ظاهرة.
فيما سيدة شابة تجلس على السرير تلبس قميص نوم (او فستان البيت) الدارج في الاوساط الشعبية من القماش السميك نسبيا لونه ازرق نصف كم يظهر جزءا من صدرها ، شعرها منكوش وعيناها ذابلتين يبدو انها نهضت من النوم لتوها.
جلست على طرف السرير فيما جلست ام جبر على الارض (ربما التزاما بفتوى ام انس التي حرمت الجلوس على المقاعد والارائك والكراسي ولا ادري لماذا لم تحرم الاسرة ايضا) وقالت طلباتك يا سيدي.
قلت ابدا انا ابحث عن خمس راقصات لاصطحابهن معي الى البحرين للعمل في نادي ليلي امتلكه هناك.
قالت : "ده انت وصلت يا بيه كل طلباتك اوامر واللي انت عايزه عندي، ودي اللي جنبك اول واحده دي تبقى مرات ابني"
نظرت الى من تجلس بجانبي على السرير وقد غطت نصفها الاسفل بغطاء خفيف (شرشف) فقالت ام جبر : ما تبصش عليها دلوقت اصلها لسهة قايمة من النوم انت بتعرف ان شغلتنا دي الواحدة بتنام بالنهار وبتصحى بالليل لكن شوفها بعد ما تستحم وتسرح شعرها وتحط الماكياج دي تبقى زي اللعبة".
قلت ما شاء الله
قالت : "دي باخدها على الفرح ومعها خمس رقاصات .. آه .. بتاكل الجو .. دي لهلوبة بالرقص ، بعدين بص ماشاء الله على عيونها زي عيون الغزالة، دي تخلي كل الرجالة بالفرح ما يقدروش يشيلوا عينيهم عنها".
قلت : اكيد اكيد ماشاء الله عليها ، لما يكون عندك فرح اروح اتفرج عليها واشوفها.
قالت : "وماله وماله يا بيه .. الليلة عندنا فرح وبالمرة تشوف البنات التانيين دول حيعجبوك أوي".
قلت : كويس قوي انا ما عندي حاجة اعملها في مصر غير الموضوع ده ولازم انهيه بسرعة، اروح معاكم الفرح الليلة ونخلص شغلنا.
قالت : "طب ما تخدني معاك يا بيه ده انا اخدمك أوي هناك ، انا كنت رقاصة ولا في مني كنت اقيم الفرح وما اعدوش". ده كانت الرجالة بتموت علي ، بعدين الكبر اهو زي ما انت شايف ، بس انا طبالة كويسة اوي اوي اسالها (واشارت لزوجة ابنها) فهزت الشابة راسها تاكيدا، ثم تابعت ام جبر قائلة : "اصل الواحد لما يكبر لازم يرجع لربنا كفاية بقى".
واضافت : " بعدين حقولك حاجة انا بعرف ربنا كويس ما بقطعشي فرض وحجيت لبيت الله ، وكل رمضان اختم المصحف".
في هذه الاثناء حضر ابو جبر فاذ به مقوس الظهر مطلقا لحيته حافا شاربه يضع (طاقية بيضاء) على راسه فسلم بحرارة ورحب وهلل وابلغته ام جبر سبب وجودي فاطنب بالترحيب والتهليل، ثم ودعني وغادر الغرفة.
ثم قالت ام جبر : " قلي ... ايه ... حتاخدني معاك؟
قلت : ان شاء الله ليه لأ .. ده انتي باين عليكي معلمة وعارفه شغلك كويس.
قالت : طبعا طبعا يا بيه ده انا اسال عني في الشارع كله ، بس قول ام جبر وشوف بيقولوا الناس ايه ده انا خيري على الناس كلها ، ده انا احييت الاف الافراح في كل حتة بمصر (المصريين يطلقون على القاهرة اسم مصر) بعدين انا اعرف طلباتك كويس اوي ولما اكون موجودة ولا واحدة تقدر تلعب بديلها ، اصلك انت ما تعرفش بنات الصنف بتاعنا ، ما تأمنش لهم خالص، دي الواحده تبيع ابوها عشان الفلوس".
قلت : ان شاء الله بيصير خير المهم خلينا نشوف شغلنا ، كيف ساذهب معكم الى الفرح.
قالت : انت روح خلص شغلك دلوقتي خلي ايمان تقوم تجهز روحها ومر علينا الساعة 8 نروح سوا.
عاملني اصحاب الفرح عند وصولي بازدراء حيث تركتني ام جبر وزوجة ابنها ودخلت الي شقة اصحاب الفرح فيما اصطحبني شاب خلف البناية حيث نصبت منصة ترتفع حوالي متر عن الارض واصطفت كراسي بلاستيكية في الساحة مقابلها، وتركني دون أي اهتمام او احترام ثم اكتشفت لاحقا ان اصحاب الفرح ظنوا انني انا السمسار، مما اضطرني التوضيح فتغيرت معاملتهم واجلسوني في الصف الاول لمشاهدة الراقصات، واحاطوني بالرعاية والعناية باعتباري ضيفا على مصر وعليهم ، وازعجوني جدا لكثرة الترحيب واصرارهم على تدخين (الجوزة) المحشوة بالحشيش ، ولما كنت ارفض الاستجابة كان بعضهم يقول : ليه يا بيه ده حشيش صنف ممتاز".
انتهى الفرح بعد الفجر بقليل واثناء عودتنا ازعجتني ام جبر بكثرة اسئلتها عن رأي بزوجة ابنها وبالراقصات الاخريات، لكنني كنت منهكا تعبا واشعر بالنعاس ، فقلت لها غدا ان شاء الله نتغدى سوا ونتكلم.
ام جبر احبابها كثيرين فهي تعرف نصف سكان شارع محمد علي معرفة جيدة والنصف الاخر بين بين، فما ان وصلت البناية التي تقطن فيها حتى وجدتها تطلب مني النزول لان عندها بنات تريد ان اراهن ، فاذ الحجرة مكتظة بثماني راقصات اعمارهن تتراوح ما بين 20 و 25 سنة، نادرا ما تحدثن وتركن ام جبر تصفهن واحدة بعد الاخرى وتقول "برضه تاخدش على كلامي ده انا حوريك اياهم كلهم وهمه بيرقصوا".
وفي المطعم الشهير المختص بالمشاوي وخصوصا (الكباب) الواقع في شارع مكرم عبيد في مدينة نصر تحدثت ام جبرد مطولا عن نفسها (ماض وحاضر) وعن امانيها المستقبلية فقالت : انا اصلا ابويا كان شيخ يحيي الموالد وكنت اروح معاه وانا صغيره وكنت انشد معاه .. دا انا كان علي صوت جميل قوي وكنت حابه اصير مطربة لكن ابوي الله يسامحه ما قبلش، قال الغنى حرام ، بعدين تجوزت واحد طلع ابن كلب ولما مات ابويا اجبرني على الرقص مع انه حرام بس نعمل ايه اكل عيش لانه المضروب على عينه ما كانش بيشتغل وكان يضربني ويقطع شعري، بس انا كنت شاطره اوي وبرقص كويس اوي وكنت اخبي فلوس عند عمتي عشان ما يخدهمش مني، بعدين طلقته اعطيته الفين جنيه وطلقني عشان كده ما عنديش غير ولد واحد جبر بس.
سالتها عن جبر وماذا يشتغل ؟
قالت : "ولاحاجه اصله قعد بالسجن 3 سنين وفي السجن ضحكوا عليه دول تبعون الدعوة وصار شيخ زيهم اتسجن تاني وبقى سنتين ، ولما طلع من 3 سنين ما اشتتغلشي حاجة بيفضل طول النهار بالجامع لكن احيانا بيصح له مولد بيقرا فيه، بس انا خايفه عليه اوي لانه صاير كده عقله خفيف ودايما يتكلم عن الجنة ، ولما بتقول له مراته عايزه حاجة يقول لها اتقي الله بكره في الجنة موجود كل حاجة، لا لا ما فيش فايده فيه ده خلاص، الله يجازي اللي كان السبب بس".
وقالت : طب انا لما بطبل اخلي كل الستات تبكي خوف من ربنا لاني بقول اناشيد جميله قوي تخلي الست وهي ترقص تغيب عن الوعي حاجة زي كده ، وبعدين ايه انا ما اسمحش لحد يعمل حاجة مايله ده انا بعرف ربنا كويس قوي، ده في الحارة ادي دروس دينية وكمان بفهم البنات اللي معايا ايه هو الحرام وايه الحلال، وبنصحهم انه لازم نعمل بكلام ربنا ونمشي على سنة نبيه اصله الحرام بين والحلال بين مش كده قال النبي عليه الصلاة والسلام؟ .
قلت : طيب يا ام جبر في مسلمين بيقولوا الرقص حرام
قالت :: لا لا يا بيه دول ولا مؤاخذه ما بيفهموش ، ده انا قلت لك ابويا كان شيخ وامام جامع، وعمري ما سمعته قال الرقص حرام ، لو كان الرقص حرام ده انا مش ممكن ارقص ابدا.
واضافت : وليه الرقص حرام هي اليت بترقص وخلاص حد بياخد منها حاجة الشريفه شريفه يا بيه ، واللي عايزة تمشي بطال بتمشي رقاصة ولا غيرها ، تقدر تقولي كل اللي يروحوا الشقق المفروشة دول رقاصات، اصلا الرقاصة ما عندهاش وقت تروح شقة مفروشه ولو راحت اهه يمكن مرة والا اتنين بالشهر لكن اللي مش رقاصات بيروحوا كل ليله.
قلت : كلامك كله حكم يا ام جبر
قالت : انت ما تعرفش ام جبر لكن ان شاء الله حتعرفها كويس لما تاخدني معاك ، دا انا متعلمه ده انا خلصت الصف الاول ثانوي ، وكنت احب المدرسة وعايزة اكمل بس تجوزت بأه ، وبعرف ربنا كويس وما بقطعش فرض، بعدين انا قلت لك اني حجيت لبيت الله ، يا حبيبي يا رسول الله والله يا بيه لما بتقرب من ساحة المسجد الحرام دموعك بتتزل لوحديها كده لوحديها، يا سلام على ديك الايام ان شاء الله الله بيعطيني واحج تاني.
وفي الايام الخمسة التاليه التقيت مرارا بام جبر وقابلت معها اكثر من ثلاثين شابه تمتهن الرقص في الافراح، ثم قابلت اكثر من 20 راقصة يشتغلن في ملاهي ليلية في اماكن متفرقة وتعرفت على عالم غريب ليس له علاقة بالاضواء والنجومية التي تعيش فيها الراقصة اثناء تأدية (نمرتها) في الملاهي الليلية او الافراح، فكل من صادفت تقريبا يعانين من الفقر والحاجة والاضطهاد باشكاله المتعددة ومن اطراف متعددة (السمسار ، او السمسارة، اصحاب النوادي والملاهي الليلية ، ضباط الشرطة، والازواج ، والمجتمع (بسبب السمعه). انه عالم مطحون مقهور مسلوب الروح والجسد.
بعد اسبوع متواصل من الحياة قريبا من ام جبروعالمها ، صارت ام جبر تريد التوصل الى قرارات عملية فكثر استخدامها لجلمة (يلا عايزين نخلص يأه)
وخلال هذا الاسبوع صار هناك الفة مع زوجة ابنها وصارت تمزح وتضحك وترافقنا الى تناول الغداء ، وفيما كنا نتناول طعام الغداء في مطعم مشهور للسمك على النيل ذهبت ايمان لقضاء حاجة فقالت ام جبر : دي ايمان بتعزك قوي بتكلمني عنك كتير وبتقول لي انها حتسعدك أوي في البحرين، ايه رايك تاخدها الليلة معك وتتفاهموا عالشغل وبلاش تروح الفرح الليله اخد غيرها؟
قلت : وهي توافق؟ (قلت ذلك من باب الفضول وليس لاي اغراض اخرى كما يمكن ان يفهمها البعض).
قالت : يا سلام وهي تقدر ترفض لي طلب
قلت : وماذا سيكون موقف جبر هل يقبل
قالت : يا حسره هو جبر داري عن أي حاجه وبعدين حيقول ايه ده يا عم نايم في عسل الجنة.
قلت : وابو جبر ايه حيكون موقفه لما يعرف؟
قالت : يا بيه اللي ما يجبش فلوس مالوش كلمة عندينا ، الراجل راجل بصحيح لما يكون بيشتغل ويجيب فلوس غير كده ولا مؤاخذه ما يكونش راجل.
قلت : بس ده باين متدين كتير ، ده قال يمكن 6 ايات قران و5 احاديث نبوية بالخمس دقائق اللي شفته فيهم في اليوم الاول لزيارتكم في البيت.
قالت : دول كلهم كده، كلمهم عن حادث عربية يقولك ايتين قران ، قلهم ده فلانة جابت عيل يقولوا لك خمس احاديث ، قلهم ما فيش ميه (ماء) يروح مطلعك قال ايه فلان والا علتان انا عارفه بيجيبوا اسماء دي من فين.
واذا قلت لهم ما فيش عيش يقولوا لك كل تمر، ده انا مره بقول لابو جبر(بالمناسبة ده انا تجوزت ابو جبر وانا كبيره كان عندي كده حاجة وتلاثين ، كنت رايحه له بحاجة ينصحني باعتباره راجل دين حبني وتجوزته وكان عنده زوجه تانية بس ماتت من تسع سنين، المهم قلت له انا حشتري تلاجه قام عمل لي محاضرة ثلاجة ايه وبتاع ايه هو الرسول كان بيشرب من التلاجه والا صحابة رسول الله كانوا بيشربوا من التلاجه ، والقلة مالها ما هي الماية بارده فيها وكويسه والا انتي عايزه تبعزقي الفلوس وبس.
ومع كده اشتريت ثلاجة وهو اكتر واحد بيشرب منها لانه معظم وقته في البت مش زينا طول الليل بنلقط رزقنا.
قلت : ايه يعني يا ام جبر عايزه تقولي ان ابو جبر نصاب ؟
قالت : والله اكثر من كده ده بيضحك على ربنا يا راجل انا عارفاه كويس بيحلل على نفسه اللي بيحرمه على غيره ، واللي بيغظني أوي انه بيعمل روحه فهمان وبيفهم بالدين ويقعد يقول يا حاجه ده حرام وده مش معقول وعن ابي خنبل وابو حنيفه وهو كل يوم يجنني عايز فلوس عشان يشتري اللي ما يتسماش.
حضرت ايمان وبالكاد جلست على مقعدها واذ بام جبر تقول لها : اسمعي انتي الوقتي تروحي مع البيه وتخلصونا بأه اتفقوا على الشغل وقولي له كل اللي انتي عايزاه ، وخلينا بكره نروح نخلص جواز السفر ، وانا كتكلم مع ايناس وفاتن ورانيا وهبه واتفق معاهم زي ما قال لي البيه. هو الف جنيه بالشهر مفيش غيرهم ، طبعا السكن عليك يا بيه مش كده؟ ..
طبعا طبعا والاكل كمان.
وتابعت ام جبر: اما انتي فحاجة تانية انا كلمت البيه وعلى كل حال البيه راجل طيب وبعزك قوي مش كده يا بيه ؟؟
طبعا طبعا
ايمان : الله يخليك وانا والله
ام جبر : المهم البيه ما عندوش وقت لازم نخلص شغلنا انا ما عنديش مانع اروح معاكي مش كده يابيه؟؟
طبعا طبعا
ام جبر : يلا ان شاء الله خير وانا حقول لسعيد الصبح على كل حاجه اما ابوجبر ده مش ضروري انا حقوله بس اني حسافر عشان شغل ، لانه هو ما بيهموش حاجه طالما بياكل وبينام وبيشرب اللي ما يتسماش.
استاذنت ام جبر لقضاء حاجه فانتهزت ايمان الفرصة وقالت : انا مش حابه الولية دي تروح معانا ، دي مشكله اصلك انت ما تعرفهاش ، دي أروبه ما تحبش تشوف اتنين متفقين مع بعض، وبعدين كدابة بتحلف الف يمين كدب، ومش امينه دي تسرق الكحل من العين، بعدين تروح تعمل ايه؟ دي خلقة طبالة وانت مش عايز طبالين ولا زمارين ، وبعدين الله ليحط حد تحت لسانها دي شتامة عليها الفاظ لا اله الا الله ، والادهي من كده انها بتصلي وما بتقطعش فرض وقال حجة كمان.
توقفت ايمان فجأة عن الحديث عندما لمحت ام جبر مقبله
وازف وقت الرحيل وكانت هذه اللحظات اخر مرة اشاهد فيها ام جبر وايمان وابو جبر .
ولكني تواصلت مع الراقصات الاخريات فخرجت بتحقيق صحفي رائع عن حال الطبالين والسماسرة والراقصات نشر في حينه بجريدة الوطن الكويتية.
ابراهيم علاء الدين